كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



32- وقوله جل وعز: {أو الطفل الذي لم يظهروا على عورات النساء} الطفل هاهنا بمعنى الأطفال يدل على هذا قوله: {الذين لم يظهروا على عورات النساء} أي لم يطيقوا ذلك كما تقول ظهر فلان على فلان أي غلبه وقوى عليه.
33- ثم قال جل وعز: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} قال أبو الجوزاء كن يضربن بأرجلهن لتبدو خلاخيلهن وقال أبو مالك كن يجعلن في أرجلهن خرزا ويحركنها ثنا حتى يسمع الصوت قال غيره فنهين عن ذلك لأنه يحرك من الشهوة.
34- وقوله جل وعز: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} آية 32 قال الضحاك هن اللواتي لا أزواج لهن يقال رجل أيم وامرأة أيم وقد آمت تئيم وقرأ الحسن والصالحين من عبيدكم يقال عبد وعباد وعبيد.
35- وقوله تعالى: {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} آية 32 وكذا قوله: {وإن يتفرقا يعن الله كلا من سعته} أي بالنكاح لأنه لم يجعل كل زوج مقصورا على زوج أبدا والفقر الحاجة إلى الشيء المذكور بعقبه ومثله إنما الصدقات للفقراء أي للفقراء إلى الصدقات وقد يكون الرجل فقيرا إلى الشيء وليس بمسكين.
36- وقوله جل وعز: {والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} قيل هذا على الحض والندب لا على الحتم والوجوب ولولا الإذن لما علمنا أن ذلك يجوز وكتاب ومكاتبة بمعنى واحد كما يقال قتال ومقاتلة.
37- ثم قال جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا} قال أبو جعفر في هذا اختلاف قال الحسن أي دينا وأمانة وقال ابراهيم النخعي أي صدقا ووفاء وقال عبيدة إن أقاموا الصلاة وقال سعيد بن جبير: إن علمتم أنهم يريدون بذلك الخير قال أبو جعفر وأجمعها قول سعيد بن جبير لأنه إذا أراد بذلك الخير استعمل الوفاء كما يستعمل أهل الدين والوفاء والصدق والأمانة ومن يقيم الصلاة ويرى لها حقا وفي الآية قول آخر قال مجاهد وعطاء الخير هاهنا المال وهذا بعيد جدا لأنه كان يجب على هذا أن يقول إن علمتم لهم خيرا وأيضا فإن العبد مال لمولاه فكيف يقال إن علمتم لهم مالا وقال أشهب سئل مالك عن قوله جل وعز: {إن علمتم فيهم خيرا} فقال إنه ليقال الخير القوة والأداء قال أبو جعفر وهذا قول حسن أي قوة على الاحتراف والاكتساب ووفاء بما أوجب نفسه وصدق لهجة فأما المال وإن كان من الخير فليس هو في العبد وإنما يكون عنده أو له.
38- ثم قال جل وعز: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} آية 33 قال أبو جعفر في هذا ثلاثة أقوال: أحدهما: أن يكون على الحض والندب كما روى ابن بريدة عن أبيه قال حثهم على هذا ويروى هذا عن عمر وعثمان والزبير وعن ابراهيم النخعي ويكون المعنى وأعطوهم ما يستعينون به على قضاء الكتابة بدفع إليهم أو بإسقاط عنهم والقول الثاني أن يسقط المكاتب عن مكاتبه شيئا محدودا روي عن علي بن أبي طلب قال الربع وكذا قال مجاهد وعن ابن مسعود قال الثلث والقول الثالث قال سعيد بن جبير قال يضع عنه شيئا من كتابته ولم يحدوه قال أبو جعفر قيل أولاها القول الأول لجلالة من قال به وأيضا فإن قوله تعالى: {وآتوهم من مال الله الذي آتاكم} معطوف على قوله فكاتبوهم فيجب في العربية أن يكون مثله على الحض والندب وأيضا فإن قول علي عليه السلام الربع وقول عبد الله الثلث لا يوجب أن يكون ذلك حتما واجبا ويحتمل أن يكون على الندب.
39- وقوله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} قال مجاهد نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول أمر أمته أن تزني فجاءته ببرد فأمرها أن تعود إلى الزنى فأبت فأنزل الله عز وجل: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} وروى أبو سفيان عن جابر وعكرمة عن ابن عباس قال نزلت في عبد الله بن أبي أكره أمته على الزنى فأنزل الله جل وعز: {ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء} ويسأل عن قوله جل وعز: {إن أردن تحصنا} فالجواب أن المعنى ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء البتة وقوله جل وعز: {إن أردن تحصنا} متعلق بقوله سبحانه: {وأنكحوا الأيامى منكم}.
ومعنى قوله: {لتبتغوا عرض الحياة الدنيا} لتبتغوا أجورهن مما يكسبن.
40- وقوله تعالى: {ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم} آية 33 قال مجاهد: فإن الله للمكرهات من بعد إكراههن غفور رحيم.
41- ثم قال جل وعز: {ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات} آية 34 قال قتادة يعني القرآن فيه بيان الحلال من الحرام ويقرأ مبينات بكسر الياء أي بينات هاديات.
42- وقوله جل وعز: {الله نور السموات والأرض} آية 35 هو تمثيل أي بنوره يهتدي أهل السموات والأرض والتقدير الله ذو نور السموات والأرض والهدي يمثل بالنور.
43- ثم قال جل وعز: {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} آية 35 روى علي بن طلحة عن ابن عباس {الله نور السموات والأرض} قال هادي أهل أهل السموات والأرض كما هداه في قلب المؤمن كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه نار فإذا مسته ازداد ضوءا على ضوء كذا قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم فإذا جاءه العلم ازداد هدى ونورا على نور، كما قال ابراهيم صلى الله عليه وعلى آله قبل أن تجيئه المعرفة حين رأى الكوكب هذا ربي من غير أن يخبره أحد أن له ربا فلما أخبره الله جل وعز أنه ربه ازداد هدى على هداه قال ابن عباس هذا للمؤمن وقال سعيد بن جبير أي مثل نور المؤمن.
وروى أبو العالية عن أبي بن كعب أنه قرأ مثل نور المؤمن وقال زيد بن أسلم مثل نوره يعني القرآن قال أبو جعفر ويجوز أن يكون المعنى مثل نوره للمؤمن ويكون معنى قول ابن عباس للمؤمن ويجوز أن يكون معناه مثل نور المؤمن كمشكاة قال ابن عباس وابن عمر المشكاة هي الكوة وروى أبي بن كعب في قوله تعالى: {لا شرقية ولا غربية} أي تصيبها الشمس وقت الشروق فهي شرقية غربية.
وقال عكرمة لا تخلو من الشمس وقت الشروق والغروب وذلك أصفى لدهنها ثم قال تعالى يكاد زيتها يضيء أي لصفائه ولو لم تمسسه نار تم الكلام.
44- ثم قال جل وعز: {نور على نور} قال الضحاك أي الإيمان والعمل وقال غيره نور السراج على نور الزيت والقنديل وقال أبي بن كعب مثله كمثل شجرة التفت بها الشجر لا تصيبها الشمس عل حال فهي خضراء ناعمة فكذا المؤمن نور على نور كلامه نور وعلمه نور ومصيره إلى النور يوم القيامة وقال السدي نور النار ونور الزيت لا يغير واحدا تغير صاحبه وكذا نور القرآن ونور الإيمان.
45- وقوله جل وعز: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه} والمعنى كمشكاة في بيوت وقيل المعنى المصباح في بيوت وقيل المعنى يسبح له رجال في بيوت قال الحسن في بيوت أي مساجد أذن الله أن ترفع أي تعظم وتصان وقال عكرمة هي البيوت كلها وقال مجاهد أن ترفع أي تبنى.
46- وقوله جل وعز: {يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}.
قال عطاء أي لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن حضور الصلاة في جماعة وقال سالم جاز عبد الله بن عمر بالسوق وقد أغلقوا حوانيتهم وقاموا ليصلوا في جماعة فقال فيهم نزلت رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
47- وقوله جل وعز: {يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} أي تعرف القلوب الأمر عيانا فتنقلب عما كانت عليه من الشك والكفر ويزداد المؤمنون يقينا ويكشف عن الأبصار غطاؤها فتنظر ومثله فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد.
48- ثم مثل جل وعز عمل الكافر بعد المؤمن فقال: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة} قال الفراء قيعة جمع قاع كما يقال جيرة وجار وقال أبو عبيدة قيعة وقاع واحد والقاع والقيعة عند أهل اللغة ما انبسط من الأرض ولم يكن فيه نبت.
49- ثم قال جل وعز: {يحسبه الظمآن ماء} أي العطشان والسراب ما ارتفع نصف النهار فإذا رؤي من بعد ظن أنه ماء.
50- ثم قال جل وعز: {حتى إذا جاءه لم يجده شيئا} أي حتى إذا جاء إلى الموضع الذي فيه السراب لم يجده شيئا مما قدره ووجد أرضا لا ماء فيها وفي الكلام حذف فكذلك مثل الكافر يتوهم أن عمله ينفعه حتى إذا جاءه أي مات لم يجد عمله شيئا لأن الله جل وعز قد محقه وأبطله بكفره ووجد الله عنده أي عند عمله فوفاه حسابه أي جزاءه فمثل جل وعز عمل الكافر بما يوجد ثم مثله بما يرى فقال:
51- قال جل وعز: {أو كظلمات} ثم: {في بحر لجي} وهو منسوب إلى اللج وهو وسط البحر قال أبي بن كعب الكافر كلامه ظلمة وعمله ظلمة ومصيره إلى ظلمة.
52- وقوله جل وعز: {إذا أخرج يده لم يكد يراها} 6 قال أبو عبيدة أي لم يرها و{لم يكد يراها} 6 أي لا يراها إلا على بعد قال أبو أبو جعفر وأصح الأقوال في هذا أن المعنى لم يقارب رؤيتها وإذا لم يقارب رؤيتها فلم يرها رؤية بعيدة ولا قريبة.
53- وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه} حدثنا الفريابي قال أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة قال أخبرنا شبابة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: {كل قد علم صلاته وتسبيحه} الصلاة للإنسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه.
54- وقوله جل وعز: {ألم تر أن الله يزجي سحابا} أي يسوقه {ثم يؤلف بينه} أي يجمع القطع المتفرقة حتى تتألف {ثم يجعله ركاما} أي بعضه فوق بعض فترى الودق يخرج من خلاله الودق المطر يقال ودقت سرته تدق ودقا ودقة وكل خارج وادق كما قال:
فلا مزنة ودقت ودقها ** ولا أرض أبقل إبقالها

وخلال جمع خلل يقال جبل وجبال.
55- ثم قال جل وعز: {وينزل من السماء من جبال فيها من برد} قيل المعنى من جبال برد فيها كما تقول هذا خاتم في يدي من حديد أي هذا خاتم حديد في يدي كما يقال جبال من طين وجبال طين وقيل إن المعنى من مقدار جبال ثم حذف كما تقول عند فلان جبال مال والأخفش يذهب إلى أن من فيهما زائدة أي جبالا فيها برد قال وقال بعضهم الجبال من برد فيها في السماء وتجعل الإنزال منها.
56- وقوله جل وعز: {يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار} أي ضوء برقه وروى ربيعة بن أبيض عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال البرق مخاريق الملائكة وقال عبد الله بن عمرو هو ما يكون من جبال البرد حدثني محمد بن أحمد الكاتب قال حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن طلحة بن مصرف أنه قرأ يكاد سنا برقه قال أحمد بن يحيى وهو جمع برقة قال أبو جعفر البرقة المقدار من البرق والبرقة المرة الواحدة مثل غرفة وغرفة.
57- وقوله جل وعز: {والله خلق كل دابة من ماء} يقال لكل شيء من الحيوان مميزا كان أو غير مميز دابة.
58- ثم قال جل وعز: {فمنهم من يمشي على بطنه} ولم يقل فمنها ولا فمنهن لأنه غلب ما يميز فلما وقعت الكناية على ما يكون لما يميز جاء بمن ولم يأت ب ما ألا ترى أنه قد خلط في أول الكلام ما يميز مع ما لا يميز.
59- وقوله جل وعز: {وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين} قال عطاء أي مسرعين وهم قريش يقال أذعن إذا جاء مسرعا طائعا غير مكره.
60- وقوله جل وعز: {أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله} والمعنى أم يخافون أن يحيف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: {أم يخافون أن يحيف الله عليهم} افتتاح كلام ألا ترى أن قبله وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ولم يقل ليحكما بينهم وهذا كما يقال قد أعتقك الله وأعتقتك وما شاء الله ثم شئت.
61- وقوله جل وعز: {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم} خبر فيه معنى الأمر والتحضيض أي إنما ينبغي أن يكونوا كذا قرئ على بكر بن سهل عن عمرو بن هشام وهو البيروتي عن ابن أبي كريمة في قول الله جل عز: {ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون} قال ومن يطع الله فيوحده ورسوله فيصدقه ويخش الله فيما مضى من ذنوبه ويتقه فيما بقى من عمره فأولئك هم الفائزون قال أبو جعفر والفوز في اللغة النجاة.
62- وقوله جل وعز: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا} قل لا تقسموا تم الكلام ثم قال: {طاعة معروفة} أي طاعة معروفة أمثل وهذا للمنافقين أي لا تحلفوا على الكذب فالطاعة أمثل ويجوز أن يكون المعنى لتكن منكم طاعة.
63- وقوله جل وعز: {فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم} والمعنى فإن تتولوا ثم حذف ويدل على أن بعده وعليكم ما حملتم ولم يقل وعليهم والمعنى فإنما على النبي صلى الله عليه وسلم التبليغ وعليكم القبول وليس عليه أن تقبلوا.